المحتوى المناسب للشخص المناسب
مرة شركة عقارية كانت بتقدم وحدات سكنية مابين متوسطة ومرتفعة التكلفة، وكانت الشركة بتعاني من كثرة زيارات العملاء للشركة ومواقع الوحدات ولكن نسبة التنفيذ كانت أقل من المتوقع على الرغم من محاولتهم تقديم أسعار وأساليب دفع مغرية وهنعرف دلوقتي ان الخطأ كان الاستهداف في التسويق.
فبدأوا في عمل حملات دعائية مختلفة في الشوارع والتلفزيون والأنترنت ولكن النتيجة لم تتحسن بشكل ملحوظ.
كان مدير المبيعات في الشركة حاسس أن السبب الرئيسي للمشكلة هو أن في حاجز نفسي غير مفهوم لدى الكثير من العملاء في أنهم ياخدوا قرار الشراء، ودا بالإضافة للمنافسة الكبيرة وخاصة أنهم بيقدموا نفس المنتج والخدمة اللي بيقدمها أي مطور عقاري أخر.
وفي يوم خبط على باب مدير المبيعات واحد قاله أنا عندي الحل لمشكلتك. فوافق مدير المبيعات وسأله إيه اللي يقدر يقدمه؟
فالرجل جاوبه:
العميل حيزور الشركة ومسؤول المبيعات حيطلع معاه للموقع، وبس..
المدير:
وبعدين؟
الرجل:
وبعدين حتتواصل معاه، ولكني حاحدلكم تتواصلوا مع كل واحد فيهم إزاي وتقولوله إيه.
وبعد مرور أسبوع وبعد ما الشركة سجلت أكثر من 200 زيارة لمواقع الوحدات، بعت الرجل لمدير المبيعات بقائمة فيها 10 رسائل مختلفة، كل واحدة فيهم موجهة لمجموعة محددة من قائمة ال 200 عميل، وقال لمدير المبيعات:
كل رسالة من دول حتبعتوها بصيغ مختلفة لهذه المجموعة من العملاء.
فتح مدير المبيعات الملف، فلقى أن أول رسالة بتتكلم فقط عن الراحة والرفاهية اللي حتوفرها الوحدة السكنية للعميل. ولقي الرسالة التانية، بتتكلم عن الخصوصية وراحة البال، والرسالة التالتة بتتكلم عن السعر والعائد على الاستثمار، والرسالة الرابعة بتتكلم عن تفاصيل البناء وتجهيز الموقع وتصميم الوحدة بالتفصيل، وهكذا..
فاستغرب مدير المبيعات من شكل الرسائل وقال للرجل:
طب ماهو دا الكلام إللي بنقوله للعملاء، أنت كدة عملت إيه جديد؟!
ابتسم الرجل ابتسامة واثقة، ووضع رجل على رجل وأخرج من جيب معطفه عمود طويل من العسلية الفاخرة ووضعها في فمه بفخر ثم قال:
اعمل اللي بقولك عليه وكلمني بعد شهر وقولي النتايج.
وبعدها قام الرجل وهم بالخروج من المكتب تاركاً مدير المبيعات في حيرة من أمره.
وعند وصوله للباب التفت إلى مدير المبيعات وقال له كلمته الأخيرة:
لو تفتكر الورقة اللي سلمناها لكل عميل وطلبنا منه يكتب فيها طلباته، ومجموعة الاختيارات اللي قدمناها للعميل وطلبنا منه يرتب اختياره فيها من الأول للأخير، والكاميرات اللي صورتلنا العميل من أول ما دخل لحد ما خرج، والميكروفونات اللي سمعتنا كل كلمة بيقولها.
كل ده هو اللي ساعدني إني أصنف كل عميل من ال200 واحد وأديله الرسالة اللي هو عايزها.
ثم توجه الرجل خارج المكتب وهو يقول كلماته الأخيرة:
منتظر تليفونك الشهر القادم.
—————————-
أهم قناعة لازم تبقى عند مسؤولي البيع والتسويق هو أن العملاء زي ماهم مختلفين في إمكانيتهم المادية وأفكارهم وقناعتهم وتوجهاتهم بشكل عام، فهم بردوا مختلفين في سماتهم النفسية أو ما يسمى بال – Personality Traits.
اقرأ ايضا مقالةالاستهداف السيكولوجي: عندما تفشل أساليب تشالديني للإقناع
من أوائل القرن الماضي وكتير من النظريات حاولت تصنف السمات النفسية لعموم الناس، بعض منهم وصل لأكتر من خمسين تصنيف ومنهم إلى 16 تصنيف زي ال MBTI وهو الأشهر تجارياً “والأقل نجاحاً عملياً”.
ولكن منذ 1990 واحد اسمه Goldberg لخص السمات الشخصية الرئيسية إلى 5 تصنيفات حملوا اسم The Big Five Factors، ومن ساعتها وهي نالت شهرة واسعة وتم استخدامها بشكل كبيرفي مجالات متعددة منها الاستهداف في التسويق .
التصنيفات الخمس للشخصية بيختصروها باسم OCEAN ودا اختصارا للآتي:
Openness, Conscientiousness, Extroversion, Agreeableness, Neuroticism
Openness – الانفتاح
هو إنسان منفتح على كل ماهو جديد،ويتميز بالإبداع وشغف المعرفة. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان متحفظ وغير راغب في تغيير ما اعتاد عليه.
Conscientiousness – الوعي
هو إنسان منظم ويحب التفكير في الأمور ويحقق إنتاجية عالية. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان بوهيمي لا يجيد الالتزام بالواجبات ويفتقد للتنظيم وضبط الأمور.
Extroversion – التخالط
هو إنسان منطلق يحب التواصل مع الناس، ويفضل التواجد تحت دائرة الضوء. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان يرغب في الوحدة والاستقلالية ويشعر بالإرهاق بمجرد تواجده في إطار مجتمعي.
Agreeableness – التوافق
هو إنسان يثق في من حوله ويرغب في أن يألف ويؤلف مع الناس. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان لا يأبه لمن حوله ويشعر برغبة دائمة في التميز والتنافس والاختلاف عن الناس جميعا.
Neuroticism – الاضطراب
هو إنسان يضطرب نفسيا من أقل المؤثرات ودائما ما يشعر بالتوتر والقلق وعدم الأمان. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان يشعر بدرجة عالية من الطمأنينة والرضا النفسي وذا قدرة عالية على التحكم بمشاعره.
استخدمت ال Big Five بنجاح في العديد من التجارب في تصنيف الناس بغرض البحث في مجالات مختلفة منها الاستهداف في التسويق ، ولكن استخدام ال Big Five في مجال التسويق بدأ رواجه في العقد الأخير، وذلك نتيجة للقدرة الكبيرة اللتي أتاحتها مواقع التواصل الاجتماعي والتي نتج عنها مصطلح ال Big Data وهو ما أتاح فرصة أكبر في التعرف على السمات النفسية للناس، ومن ثم توجيه رسائل دعائة مفصلة – Tailored Messages لكل فئة نفسية.
وهو ما أدى في حالات كثيرة وموثقة بزيادة نسبة الرضا من تلك الرسائل المفصلة مقارنة بالرسالة التقليدية الموحدة والموجهة للجميع سواء – Standard Message بنسب تتجاوز ال 50% في بعض الحالات، وهذا ما انعكس على زيادة ملحوظة في نسبة المبيعات.
لقد أصبحت هناك حاجة ملحة لتطوير أساليب استهداف العملاء سواء في مجال الاستهداف في التسويق الإلكتروني أو البيع المباشر، ومن أنجح تلك الأساليب وأحدثها هو الاستهداف السيكولوجي – Psychological Targeting
————-
وبعد مرور شهر…
الو.. كنت عايز أكلمك بعد اسبوعين بس قولت استنى الشهر زي ما قلتلي.. تجيش المكتب نشرب فنجانين قهوة مع بعض؟..
—————-
—————-
انضم لمجموعة التيليجرام لمعرفة كل جديد عن الـ Consumer Psychology in Marketing، وللحصول على عروض خاصة على الكتب والدورات التدريبية
—————-