عندما تفشل أساليب تشالديني للإقناع
ياتري هيكون ايه الجديد في الاستهداف السيكولوجي ؟؟”احنا في السوق من أكتر من 10 سنين..”
“خصم 30% حتى نهاية الأسبوع..”
“عشان أنت عميل مميز فاحنا بنقدملك العرض التالي…”
“اشترك دلوقتي وأول أسبوع مجانا..”
“سجل بياناتك في اقل من 30 ثانية، وحنبعتلك هدية مفاجأة..”
“أكتر من 100 عميل اشتروا منتجاتنا..”
لما نتكلم عن التأثير والإقناع يبقى لازم نتكلم عن روبرت تشالديني وأساليبه الستة اللي نالوا شهرة واسعة في التلاتين سنة اللي فاتوا، وهم ببساطة كالتالي:
الاساليب الستة للاقناع
التفضيل – Liking
وهو أن الناس بتستجيب بوتيرة أعلى للناس اللي بتفضلها وتحبها.
التبادلية – Reciprocity
وهو أن الناس بتميل أنها ترد الجميل اللي اتعملها، وغالبًا بقيمة تتجاوز قيمة الفعل الأول.
الاتساق – Consistency
وهو أن الناس بتميل أنها تتسق وتلتزم مع الوعود والمواقف اللي اتخذوها مسبقًا.
السلطة – Authority
وهو أن الناس بتميل بالإقتناع بالأفكار والكلمات الواردة من ذوي السلطة.
الندرة – Scarcity
وهو أن الناس بتنجذب للأشياء اللي حتخلص بسرعة سواء نتيجة للكمية المحدودة أو الوقت المحدود.
الإجماع – Consensus
وهو أن الناس بتقنتع بالأشياء اللي أقنعت مجموعة من الناس من قبل.
نقدر نقول أن أهم مساهمة لتشالديني هو أنه عمل تصنيف وتلخيص لأساليب الإقناع اللي كانت مستخدمة من مئات السنين بشكل بسيط وواضح وسهل الاستخدام.
ومن هنا اتكتب عشرات الكتب ومئات المقالات عن أساليب تشالديني وإزاي أنها قادرة أنها تنقل البيزنس بتاعك من الحضيض إلى القمة.
وشوفنا كتير من الناس بتطبق أساليب تشالديني كما أنزلت، ولكن…
ولكن دائما ما نسمع تعليقات مخيبة للآمال، مثلا أن مكانش في ناتج من استخدام الأساليب الستة أو أن الناتج ضعيف أو أنه استمر لفترة بسيطة ثم خمد تماما.
هناك أسباب لا تعد ولا تحصى لفشل استخدام أساليب تشالديني الست في البيزنس.
فغالبا اللي بيستخدم أساليب التأثير هم هواة غير متخصصين في مجال التسويق والبيع، أو حتى مسوقين محترفين ولكن ينقصهم احتراف استخدام وتجربة الأساليب السيكولوجية في البزنس.
اقرأ ايضا مقالةالاستهداف السلوكي للسمات النفسية الخمس (Big Five)
فحتى تشالديني نفسهه وزمايله كانوا بيواجهوا بعض النتائج الغريبة والشاذة في أبحاثهم، وأبحاث أخرى شهيرة لما يجي مجموعة باحثين يكرروها بنفس المعايير فيفاجؤا أن في كثير من الأحيان أنهم مش قادرين يطلعوا نفس النتيجة بتاعة البحث الأصلي.
مثلا أسلوب زي السلطة – Authority، كذا بحث استنتجوا أن ذكر السلطة في مكان عالي له تأثير أكبر من ذكره في مكان منخفض، فمثلا في المواقع الإلكترونية، أفضل مكان لذكر الجملة اللي بتحتوي على السلطة هو في أعلى مكان في الموقع وليس في الأسفل، ودا نتيجة لتأثير ال “Priming” اللي بيترجم للإنسان أن السلطة هي مكانة مرتفعة، فلو اتسقت مكان الكتابة مع المعنى فدا بيؤدي لتأثير لحظي أقوى للقارىء.
ومثال تاني لأسباب فشل أساليب تشالديني هو تضارب استخدام أساليب الإقناع، ودا اللي جربه باحثين في عام 2013.
الدراسة قام بها عالما السلوك بول دولان وربرت ميتكالف، وهو إعلام قاطنى المنازل في حى ما في انجلترا بمدى نجاح جيرانهم في نفس الحى في تخفيض قيمة استهلاكهم للكهرباء “إتباع الجموع – Consensus” فكان الناتج أنهم خَفَّضوا من استهلاكهم بقيمة 6% في الشهور التالية.
ثم ذهبوا إلى مجموعة ثانية واستخدموا أسلوب آخر من أساليب الإقناع وهو الحافز المادى بأن ذهبوا إلى أصحاب المنازل وعرضوا على قاطنيها 100 جنيه إسترلينى إن خفضوا من استهلاكهم للكهرباء وهو أسلوب إقناعى يقع في نطاق “التبادلية – Reciprocity”، فكانت النتيجة أن انخفض استهلاك الكهرباء في تلك المنازل أيضا.
ثم ذهبوا إلى مجموعة ثالثة واستخدموا معهم الأسلوبين معا “إتباع الجموع – Consensus” و “التبادلية – Reciprocity” بأن أخبروهم بمدى إنخفاض استهلاك قرنائهم وعرضوا عليهم أيضا الحافز المادى إن هم خفضوا من استهلاكهم.
فبخلاف المجموعة الأولى والثانية والتى إِستُخدمَ مع كل منها أسلوب واحد، فالمجموعة الثالثة والتى إستُخدمَ معها الأسلوبان معا، لم يظهر لها أي تخفيض في الاستهلاك في الشهور التالية.
فدا مثال لأن إزاي استخدام بعض أساليب تشالديني مجتمعة ممكن يفسد مفعولها.
وثالث سبب وهو الأهم، هو أن أساليب تشالديني لا تصلح للاستخدام سواء مع جميع السمات النفسية للأفراد.
ودا اللي بيفرض على المسوق المحترف في الأمور و الاستهداف السيكولوجي أنه يعمل Psychological Profiling، وهو تقسيم أنماط الناس إلى فئات متعددة، ثم عمل Psychological Targeting وهو الاستهداف السيكولوجي لكل فئة منهم بأسلوب من الأساليب الستة لتشالديني واللي بيبقى واثق أن تأثيره على واحدة من فئات الناس بيبقى أقوى من غيره.
فمثلا صدر بحثين في 2013 في تركيا وفي 2017 في كندا، والبحثين كانوا بيناقشوا تأثير أساليب تشالديني على أصناف الناس من ناحية ال Big five وهي التصنيف الأشهر للسمات النفسية و الاستهداف السيكولوجي ، وذكرناها في المقالة السابقة كالتالي:
التصنيفات الخمس في الاستهداف السيكولوجي للشخصيات بيختصروها باسم OCEAN ودا اختصارا للآتي:
Openness, Conscientiousness, Extroversion, Agreeableness, Neuroticism
Openness – الانفتاح
هو إنسان منفتح على كل ماهو جديد،ويتميز بالإبداع وشغف المعرفة. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان متحفظ وغير راغب في تغيير ما اعتاد عليه.
Conscientiousness – الوعي
هو إنسان منظم ويحب التفكير في الأمور ويحقق إنتاجية عالية. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان بوهيمي لا يجيد الالتزام بالواجبات ويفتقد للتنظيم وضبط الأمور.
Extroversion – التخالط
هو إنسان منطلق يحب التواصل مع الناس، ويفضل التواجد تحت دائرة الضوء. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان يرغب في الوحدة والاستقلالية ويشعر بالإرهاق بمجرد تواجده في إطار مجتمعي.
Agreeableness – التوافق
هو إنسان يثق في من حوله ويرغب في أن يألف ويؤلف مع الناس. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان لا يأبه لمن حوله ويشعر برغبة دائمة في التميز والتنافس والاختلاف عن الناس جميعا.
Neuroticism – الاضطراب
هو إنسان يضطرب نفسيا من أقل المؤثرات ودائما ما يشعر بالتوتر والقلق وعدم الأمان. بينما النقيض من هذه الصفة هو إنسان يشعر بدرجة عالية من الطمأنينة والرضا النفسي وذا قدرة عالية على التحكم بمشاعره.
فجربوا عمل رسائل دعائية باستخدام أساليب تشالديني المختلفة على مجموعة من الناس قاموا بتصنيفهم تبعا للسمتهم النفسية الغالبة عليهم.
فتوافقت الدراستين في بعض النتائج كالتالي:
1. أكتر ناس بتتأثر بأسلوب السلطة – Authority هم الناس ال High Agreeable، والناس الLow Openness.
2. أكتر ناس بتتأثر بأسلوب الاتساق – Consistency هم الناس ال High Conscientiousness، والناس ال High Agreeable.
اقرأ ايضا مقالة السمات النفسية للاستهداف السيكولوجي في التسويق (تجربة عملية)
3. أكتر ناس بتتأثر بأسلوب الإجماع – Consensus هم الناس ال Low Openness.
4. أكتر ناس بتتأثر بأسلوب التفضيل – Liking هم الناس ال Low Openness والناس ال Low Conscientiousness والناس ال High Agreeable.
5. أكتر ناس بتتأثر بأسلوب التبادلية – Reciprocity هم الناس ال High Conscientiousness
نقدر نستنتج أن الناس ال Low Openness هم ناس متحفظة، لا يميلوا للإبداع والتفكير خارج الصندوق، ويفضلوا الحفاظ على المسارات التقليدية والالتزام بالأشياء الاعتيادية، فدا بيكون سبب لتأثرهم بالسلطة والاتساق على سبيل المثال، وهكذا بالنسبة للسمات الأخرى.
لاستخدام أساليب تشالديني للإقناع بأعلى كفائة، لازم تكون محيط ببعض العوامل اللي ممكن تؤدي إما لمضاعفة النتيجة أو محوها تماما، ومن أهمها هو معرفة نمط المجموعة المستهدفة وما يصلح لها من أساليب تشالديني ثم قياس الناتج لتأكيد الفرضية.
وبما أن من المتوقع أن معظم اللي قدر يوصل لنهاية المقالة هو غالبًا شخصية High Openness، و High Consciousness، و Low Extroversion فأنت مش محتاج أي إقناع، حضرتك جاي متظبط جاهز…
—————-
انضم لمجموعة التيليجرام لمعرفة كل جديد عن الـ Consumer Psychology in Marketing، وللحصول على عروض خاصة على الكتب والدورات التدريبية
—————-