الاستراتيجية الأفضل للبيع هو ألا تبيع
واحدة من أشنع أساليب فنون البيع النفسى التي أخترعت يومًا هي “التواصل البارد” بما يحتويه من مكالمات باردة، وإيميلات باردة، وتوسلات باردة للعميل بأن يشتري مُنتج قد تعرف عليه وعلى بائعه للتو واللحظة. فهذا الأسلوب البارد هو وسيلة الإدارة الضعيفة والتي تسعى لنشر المنتج على عجل فتؤدي لتشويهه وتقليل حظوظه.
البيع في هذه الأيام ليس بأكثر صعوبة من الماضي كما هو شائع، ولكنه فقط يتطلب مهارات مختلفة كي تسع الأبعاد والتحديات الجديدة والتي لم توجد من قبل. ففي عالم لا يتوقف فيه الناس عن فنون البيع النفسى والصياح، لا يزال يوجد فرص كبيرة لهؤلاء الذين لا يصيحون ولا يثرثرون، ولكنهم يمتلكون شيئًل ذو قيمة مميزة.
يوجد أسلوبين للتأثير على قرارات الشراء لدى الناس، الأول هو التحكم الذاتي، وهو إعطاء مساحة من الحرية للعميل لاتخاذ قرار الشراء، عن طريق إزالة أية أنواع من التأثير والدفع باتجاه المنتج.
تم عمل عدة أبحاث غطت أكثر من 22.000 شخص، وتم استنتاج أنه عندما يقوم أحدهم بطلب شىء ما ثم ينهي كلماته بكلمات التحكم والحرية فنسبة الإقناع تقذف إلى الضعف تقريبًا. فشعور الحرية هو من أهم المشاعر الإنسانية رسوخًا لدى البشر ومعظم صراعات البشرية كانت في سبيل نيل تلك الحرية من براثن من يقمعوها، سواء الحرية من سطوة رجال الدين في أوروبا، أو الحرية من الاحتلالات العسكرية، أو الحرية من استغلال البشر واستعبادهم، فترسخ لدى الذاكرة البشرية عشق الحرية، واتخذاها كقيمة يجب الحفاظ عليها مهما كلفت من تضحيات. فتولد لدى الأجيال المتعاقبة من البشر الممانعة الفطرية من الإستجابة السريعة لأى نوع من الطلبات أو الأوامر مهما كانت بسيطة، فطلب الشىء من الشخص المستهدف يخرجه قليلًا من دائرة راحته المتمثلة في حرية اتخاذ قراراته. ولهذا فإضافة بعض كلمات التحكم الذاتي يشعر الشخص باستعادة حريته الكاملة بخصوص هذا الطلب أو الأمر ورجوعه إلى دائرة راحته من جديد.
الأسلوب الثاني هو ما يسمى لا تفعل شيئًا من فنون البيع النفسى
، وهو بإخراج العميل من محدودية الخيار الثنائي بين أن يشتري أو لا يشتري، وذلك بإضافة مجال ثالث من الحرية أو لعمل اللاشيء.
فى تجربة تمت فى جامعة وارتون بالولايات المتحدة لدراسة تأثير جملة “لا تفعل شيئًا”على مدى استجابة الناس للطلبات والأوامر الموجهه، فتم جمع بعض المتطوعين وعُرض عليهم بعض الكلمات المتقاطعة والمطلوب منهم استنتاج الاسماء من الحروف المتفرقة ، ثم تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، بخيث يوضع لكل مجموعة شروطا معينة لحل الكلمات المتقاطعة، فالمجموعة الأولى عُرض عليها الاختيار بين كلمات متقاطعة خاصة بأسماء المدن أو خاصة بأسماء بعض المشاهير، بينما عُرض على المجموعة الثانية الاختيار بين أسماء المدن أو أسماء بعض المشاهير أو أسماء بعض راقصي الباليه، وأخيرًا عُرض على المجموعة الثالثة الخيار الأول والثاني بينما الخيار الثالث هو “لا تفعل شيئًا” أي إعطاء المتطوع حرية الاختيار حتى لترك التجربة بالكامل.
اقرأ مقالةفنون البيع النفسي :ماتردش على الزبون
كان من ناتج التجربة أن المجموعة الثالثة التي عرض عليها الخيارات الثلاث ومن بينهم “لا تفعل شيئًا” فاختارو الدخول فى التجربة واختيار إحدى الكلمات المتقاطعة، فقد استغرقت وقتا أطول بنسبة 40% فى حل الكلمات المتقاطعة عن المجموعة الأولى والثانية، وهذا يشير إلى زيادة التزام المجموعة الثالثة بالمهمة الموكلة إليهم عن كلا المجموعتين الاخريين. فالاستنتاج الواضح من تلك التجربة أن إضافة خيار غير مألوف وهو عدم فعل أي شىء يؤدى بالتالى إلى التمسك بتنفيذ المهمة بشكل أقوى لاختياره وذلك نتيجة لترك مساحة كافية من الحرية لدى منفذي تلك المهمة. ولذلك يشتهر فى أفلام المعارك الحربية أن يعرض القائد على فرقة العمليات الخاصة التي على وشك القيام بمهمة انتحارية بأن من يريد الانسحاب الآن فلا لوم عليه، فيتمسك الجميع بالمشاركة فى العملية وتزداد صيحات الحماس، وتذرف أعين المتفرجين فى السنيما بالدموع، وهذا بالطبع ذا تاثير درامي أفضل من سؤال القائد لمجموعته فقط عمن يرغب فى الاشتراك فى العملية القتالية. وعلى هذا، فإضافة خيار الانسحاب “لا تفعل شيئًا”دائمًا ما يعطى قوة والتزام بتنفيذ الطلبات والأوامر.
واحدة من أهم القيم التي يجب أن يحويها المنتج أو الخدمة هي الكرامة والرفعة التي تجعل من تلك الخدمة مرغوبة في أعين الزبائن، وهذا يتم عن طريق زيادة التركيز على عرض قيمة السلعة والتباهي بها عن عرضها بغرض التسويق والبيع. ولكن ما يجعل تلك الاستراتيجية صعبة الاتباع هو أنها تحتاج للكثير من الصبر والجلد (والذي دائمًا ما يؤتي ثماره) والناس بطبيعتهم متعجلين للنتائج النهائية. فاتباع تلك الاستراتيجية كواحدة من فنون البيع النفسى من عرض قيمة المنتج، وتبيان تفرده عن المنتجات الأخرى بدون بيعه مباشرة، يؤدي لزيادة الحافز لدى العملاء للالتفاف والاقتراب من ذلك المنتج العزيز، فثم تنشأ الرغبة في شراءه عن المنتجات الأخرى التي أُلقيت على عتبات بيوتهم.
اقرأ ايضا كتابة المحتوى التسويقى :محتوى الاستجابة المباشرة
واحدة من الشركات التي تتبع تلك الاستراتيجية، شركة مصرية تعمل في مجال تعليم اللغات تسمى، English Capsules، مؤسسها عبد الله عامر، شاب طموح، أخذ على عاتقه استراتيجية منضبطة متخذًا وسائل متعددة للترويج لشركته عن طريق الاجتماعات، المحاضرات، دروس مختصرة على الانترنت، نصائح مجانية، بث مباشر،..إلخ. ولا توجد واحدة من تلك الأساليب تسعى لبيع منتجه بشكل مباشر كما يفعل الآخرون، وكان الناتج النهائي لاستراتيجية عدم البيع، هو الكثير من البيع لتلك الدورات، والذي أخذ مبادرته الزبون قبل البائع.
في سوق شبيه بالمحيط الذي صُبغ باللون الأحمر نتيجة للدماء المسفوكة من التنافسية الشرسة للمنتجات المتشابههة، بحيث يسعى الجميع للبيع والبيع بكل ما أوتوا من قوة. ولكن تظل هناك مساحة فريدة في هذا المحيط للبائعين الذين يعرضون ويتباهون بمنتجاتهم فضلًا عن بيعهم إياها، فيضفون عليها هالة من الوقار والقيمة التي تُعلي من أسهم تلك المنتجات لاحقًا، فيطفون على سطح ذلك المحيط، نائين بأنفسهم عن الصراع البربري الذي يجري في القاع.
“إن أفضل أسلوب لبيع شيء ما، هو ألا تبيعه مطلقًا. فقط اكتسب احترام، وثقة، ووعي هؤلاء الذين ربما يشترون هذا الشيء”
متشتركش الأن في دبلومة التسويق السيكولوجي و لكن ادخل خد لفه
Rand Fishkin, CEO, SEOMoz
—————————–