تأثير الصدارة
في تجربة مثيرة، طُلب من متطوعين أن يقوموا بدور المدير في مقابلة شخصية. كانت مهمتهم كتابة رأيهم في قبول المتقدم أو رفضه، بناءً على انطباعهم الشخصي ومهارات الإقناع لديه.
تم إحضار توأمين متماثلين تماماً في الشكل ليقوما بدور المتقدمين للوظيفة. كانا متشابهين في كل شيء، حتى في إجاباتهم. بدأ الأخ الأول المقابلة الشخصية ثم تبعه الآخر، وأجاب كلاهما نفس الإجابات بشكل متطابق. لكن في السؤال الأخير، كانت هناك إجابة مختلفة.
أجاب الأخ الأول: “أنا حماسي وصادق وجاد في العمل وأحب العمل الجماعي، لكني أحياناً أكون عصبياً ومنعزلاً وأرفض الأوامر الكثيرة”. بينما أجاب الآخر: “أنا أحياناً أكون عصبياً ومنعزلاً وأرفض الأوامر الكثيرة، لكني حماسي وصادق وجاد في العمل وأحب العمل الجماعي”.
اقرأ ايضا فن البيع وكيفية إقناع العميل (بيع يا عواد)
نتائج التجربة وانطباع المديرين
بعد انتهاء التجربة، سُئل المتطوعون عن نتائج المقابلة. كانت المفاجأة أنه رغم تطابق التوأمين، وافق غالبية المتطوعين على تعيين الأخ الأول ورفضوا الثاني. برر المتطوعون قرارهم بأن الأخ الأول يمتلك صفات شخصية ومهارات إقناع أفضل. حدث هذا على الرغم من أن صفاتهما الشخصية واحدة، والفرق الوحيد كان في ترتيب ذكر الصفات الإيجابية والسلبية.
كيف يعمل كل من النظامين 1 و 2 من انظمة المخ
أظهرت التجربة أن “النظام 2” في العقل البشري يُنهك بسرعة ويفضل العودة للعمل بـ “النظام 1”. فعندما يستقبل المخ صفة الأخ الأول “حماسي”، يبدأ “النظام 2” في العمل. يستقبل الكلمة ويحولها لصورة ذهنية، ثم يحللها ويقارنها بالانطباع الأولي، ويتأمل تأثيرها الإيجابي. تتكرر العملية مع الصفة الثانية “صادق” والثالثة. ومع توالي الصفات، يبدأ “النظام 2” في الشعور بالإجهاد، فيسلم مهامه إلى “النظام 1” الذي يبدأ عمله مع ذكر الصفات السلبية.
يستقبل “النظام 1” الصفة السلبية الأولى “عصبياً” لكنه يعطيها صورة ذهنية باهتة. لا يحللها جيداً أو يتأملها كما فعل “النظام 2”. وبذلك، لا تترك الصفات السلبية تأثيراً كبيراً مقارنة بالصفات الإيجابية. لذلك، يطغى على ذهن المتطوع أن هذا المتقدم إيجابي بشكل عام، فيقرر أنه مناسب للعمل. حدث العكس تماماً مع الأخ الثاني، حيث كان “النظام 2” في كامل تركيزه عند سماع الصفات السلبية، فتركت تأثيراً قوياً. ثم أُنهك النظام وبدأ “النظام 1” في استقبال الصفات الإيجابية، التي لم تجد لها مكاناً في التأثير. لهذا قرر المتطوع رفضه.
من ضمن مهارات الاقناع الافضل هي ال priming
هذا ما يطلق عليه Primacy Effect، أو “تأثير الصدارة”. تشير الأبحاث إلى أن تأثير الصفة الأولى في عقل المستقبل قد يصل إلى 90%، بينما الثانية 5% والثالثة 2% وهكذا. يحدث هذا التأثير المتناقص عند ذكر الأمور تباعاً دون فواصل زمنية. لكن يمكن إزالة هذا التأثير بإعطاء المخ ثانيتين أو ثلاث بين كل صفة، ليستعيد العقل تركيزه ويعطي اهتماماً أكبر للصفات المتعاقبة.
يمكنك التعرف علي كل من الكتابين سبيل الإبداع في فنون الإقناع + قوة الإسقاط (Pdf)
إن ترتيب الكلمات والجمل مهم للغاية لأن طاقة المخ تنضب سريعاً. لذلك، عند اختيار كلماتك، يجب أن تضع الأهم أولاً. في الأحاديث المطولة، قسّم الموضوع إلى مراحل، واجعل بداية كل مرحلة قصة أو استراحة قصيرة. هذا يضمن استعادة المخ لنشاطه. أما إذا أردت ذكر أمور لا مفر منها ولكنك لا تريد التركيز عليها، فأظنك تعلم الآن كيف تخفيها عن “نظامه الثاني”.
والآن، ما الأفضل برأيك؟ “هل ترغب في المشاركة بتجربة في السابعة صباحاً؟” أم “في السابعة صباحاً، هل ترغب بالمشاركة في تجربة؟”. وافق 56% ممن سُئلوا بالصيغة الأولى، مقابل 24% فقط بالصيغة الثانية. هذا تطبيق مباشر لتأثير الصدارة؛ فكلمة “التجربة” نالت النصيب الأكبر من التأثير، بينما كلمة “7 صباحاً” عندما أتت أولاً، كان تأثيرها أقوى وأكثر سلبية، فالناس لا يميلون للاستيقاظ مبكراً.
—————————–
دبلومة التسويق السيكولوجيدبلومة الـ Marketing Psychology، هو الأولى والوحيدة باللغة العربية، واللي حتعرفك على الأسرار السيكولوجية اللي بتخلي التسويق والبيع يوصلو لأفضل نتيجة ممكنة. واللي بعد ماتخلصها حتكون اتعلمت إزاي تطبق الأساليب السيكولوجية وطورت مهارات الاقناع في إطار عملك وإزاي تقيس نتائجها الإيجابية.