طاهي الكلمات

في آخر لقاء جمعني بمجموعة من أصحاب المشروعات الجديدة في تدريب Storytelling for Entrepreneurs، أو مهارة السرد لرواد الأعمال. كان الهدف المباشر من التدريب هو التعرف على أهمية مفهوم  السرد القصصي  للتأثير في الجمهور المستهدف وكذلك تعلم بعض تقنيات الـ Storytelling.

ولكن على جانب آخر فقد كان الهدف الرئيس للتدريب هو استدعاء المهارة الفطرية لكل متدرب لسرد قصته قبل تعلم أي تقنية، وذلك لعرض مشروعه في شكل قصصي يهدف للتأثير على كل من يهمه الأمر، سواء زبائن أو مستثمرين.

فرسالة المشروع إذا احتوت على ثلاث عناصر رئيسية وهي كونها Memorable, Engaging, Motivating فهذا يساهم في جعل الرسالة ذات صدى رنان لدى متلقيها، وهذا ما تضمنه القصة القوية، فالقصة تمكث في الذاكرة لمدة أطول بكثير من المعلومة المجردة، والقصة القوية تؤدي لثورة في المشاعر، والقصة القوية تُحفز المتلقي لاتخاذ قرار ماوهذا كله يعبر عن مفهوم السرد القصصي

وبينما كت استمع لمحاولات أصحاب المشاريع المختلفة والذين يروون قصصهم من ثلاث قارات مختلفة، فوجئت بهذه القصة للشاب عمار السوري المقيم في ألمانيا، وعندها أدركت أن هذا الشاب يحمل موهبة لا يشق لها غبار، موهبة أنتجت قصة مؤثرة تُسهم في إنجاح هذا المشروع، وهكذا كانت قصته..

———————–

من حوالي عشر سنوات اشتعل لهيب الحرب في سورية وماعاد نقدر نميز الصح من الغلط وانا واحد من كتير ناس بحلم يكون عندي حياة حلوة وشغل واستقرار وحقق اهدافي وطموحي بالبداية كنت قول لحالي معلش فترة وبتمضى وحاولت اتأقلم مع الوضع الجديد بس للاسف مع معانات اكتر من اربع سنوات تحت الحصار والحرب اخدت قراري اني اسافر واطلع من هي الفوضى والحرب وبالفعل ضبيت اغراضي وسافرت وعرضت نفسي للخطر وطلعت بالبحر وبلشت دور عاحياة جديدة تكون افضل واتوجهت لالمانيا وهون كنت مفكر الحياة بالغربة سهلة لكن العكس طلعت اصعب بكتير ثقافة جديدة ولغة جديدة والاصعب من هاد كلو اني حملت معي الوطن والذكريات واللمات الحلوة وطعم وريحة الوطن وبلشت مسيرتي بتعلم اللغة وثقافة البلد المضيف وكان الموضوع كتير صعب . وهون بلشت حكايتي لما تعرفة على منظمة خيرية بتساعد اللاجئين في الاندماج بالمجتمع الجديد.

بلشت اشتغل معهم بالاعمال التطوعية وصرنا ننظم ورشات للطبخ وندعي عليها اللاجئين والالمان ونطبخ سوا نجلس على طاولة وحدة ونتبادل الاحاديث والثقافات وصار اقبال كبير عالفكرة ،والناس صارت تتعلم اللغة بشكل اسرع وصرت استخدم الاكل للتعبير عن نفسي وبعد كل طبخة كنت اطبخها قص عليهم قصة الاكلة ومن وين اجيت التسمية واكتشفت انو المطبخ هوي مكاني المفضل يلي بقدر افصح عن ذكرياتي بدون خوف بعيد عن الحرب والسياسة اتذكر فيه عائلتي وامي وعائلتي وكمية الحب يلي كنت عايش فيها .

اقرأ ايضا مقالة السرد القصصي في التسويق:النسبة الذهبية لمسار قصة التسويق

اخدت قراري اني وصل هي المشاعر للناس بالطبخ وبلشت اعمل كورسات للطبخ للاطفال لانو لغتي الالمانية بالبداية كانت ضعيفة وهون كانت المفاجئة تعلمت اللغة من الاطفال وكانو يصلحوا اخطائي وبدون ملل او انزعاج يرددو الكلمات اكثر من مرة ،وشفت بعيونهم الفرحة لما كنا نطبخ مع بعض وصرت اختار الوصفات بعناية للاطفال يعني وصفات ماتحتاج للادوات الحادة وصرنا نعجن العجين ونعمل الكيك والبسكويت والبيتزا ووصفات بسيطة ولما يجو الاهل ياخدو اطفالهم كنت راقب الاطفال وهني عم يحكو لاهلهم بفرحة كبيرة انهم عجنو العجين بايديهم وخبزو البسكويت وصارو الاطفال دائما يسالو ايمت بدنا نطبخ مرة تانية.

وبلش مشواري بالطبخ وصرت اعمل كورسات للطبخ للاشخاص الكبار والصغار وتعلمت الطبخ الالماني وضفتو لقائمتي قبل مانسى انا كمان بعرف اطبخ اكل ايطالي وفرنسي وشرقي بحكم دراسة بسورية كلية سياحة وادارة الفنادق وحبيت تصوير الاكل وبلشت اعمل وصفات وصور وضيفهم لسوشيل ميديا وبعد فترة بتفاجئ بدعوة من منظمة الها علاقة بحماية البيئة والحيوانات بالبداية استغربة الموضوع كتير وانو ليش حتى يدعوني طبعا الفضول اتغلب علي وقررت روح .

وبالفعل قابلت مشرف المنظمة يلي ابدى اعجابو بوصفات الطبخ والكورسات واستأذنت وطرحت عليه سؤال كان محيرني شو علاقة ورشات الطبخ يلي عم اعملها مع منظمة بيئية وكان الرد يلي ماكنت متوقعو قال انو اغلب وجباتك صحية ونباتية وعم تبعد عن المواد الحافظة واللحوم الحيوانية وحابين نعمل توعية للناس بهاد الخصوص بالبداية اتردت شوي .بس اقترح علي قبل ماقول جوابي، اني انضم واحضر معهم ورشات بهاد الخصوص وبالفعل بلشت احضر محاضرات وافلام وثائقية عن سوء تربية الحيوانات وعن الاساليب الخاطئة في النظم الغذائية طبعا هاد الشي اثر علي بشكل شخصي واخدت قرار اني ابذل جهد لتوعية الناس وبدانا نعمل ورشات الطبخ النباتي الخالية من المواد الحافظة ولحوم الحيوانات وصرنا نبحث عن البدائل الطبيعية يلي بتعوض جسم الانسان عن اللحوم وننشر الوعي وحققنا خطوات كتير كبيرة واندمجت بهاد التوجه واخدت على عاتقي اعلم الاجيال الجديدة الاساليب الصح طبعا كتير منكم عم يتسأل اذا انا نباتي ؟طبعا الموضوع كتير صعب وعم حاول اتاقلم اني صير نباتي .

يمكنك تحميل كتاب قوة الإسقاط من خلال الرابط

بس عم ابذل جهد وقلصت اكل اللحوم ل٢٥ بالمية وهاد الشي يلي بحاول اشتغل عليه مع الناس والكورسات تكون البداية بالتقليص حتى نوصل للحد الادنى من استهلاك اللحوم وحماية الحيوانات والحفاظ عالبيئة .

أهدافي واضحة الاستثمار في حماية البيئة وتقديم اعلى قيمة للكوكب الارض يلي كلنا عم نتشارك فيه ومتل مابقول للناس يلي معي بالكورس التغير يبدء من الفرد ذاته لذالك خلونا نغير تفكيرنا ونصحح اخطائنا ونبني ونحافظ على بيئة نظيفة ومكان يتسع للجميع.

———————–

انتهى عمار من رواية قصته، وتركنا جميع فاغري الفاه من مهارته الحاذقة، وكان أول تعليق قلته له هو..

“يبدو أنك لست بطاهي طعام ولكنك طاهي كلمات..” ” مفهوم السرد القصصي “