القوة الخفية للأرقام
في يوم جالي تليفون من سيدة صاحبة محل مجوهرات وقالتلي بما أنك عالم بتفهم في علم سلوك المستهلكين فأكيد حتعرف تفهمني إيه اللي حصل نتيجة لاختلاف طرق التسعير؟ فقولتلها طب اتفضلي قولي إيه اللي حصل. قالت، أنا عندي محل مجوهرات في مدينة ساحلية وباعرض منتجات كتيرة من الذهب والألماس والأحجار الكريمة، ومعظم زبايني من السياح، وفي مرة اشتريت مجموعة من أحجار الفيروز وخصصتلها مكان عرض مميز، ولكن للأسف فضلت فترة طويلة متتبعش، نبهت على البياعين أنهم يركزوا في الكلام مع الزباين على مجموعة الفيروز، وبرده ماتبعتش،فمن وقت للتاني بغير طرق تسعيرها فخفضت سعرها أكتر من مرة ولا حياة لمن تنادي.
لحد آخر يوم في الأسبوع، الموظفين مشيوا وقبل ما أقفل المحل، كتبت شوية تعليمات يعملها الموظفين لما يفتحوا أول الأسبوع عشان كنت حاسافر اشتري بضاعة للمحل، فكان من ضمن التعليمات أنهم يغيروا سعر مجموعة أحجار الفيروز ل 2\1 سعرها لعل وعسى تتباع وأخلص منها.
ومر أسبوع ولما رجعت المحل اتفاجأت أن أحجار الفيروز كلها اختفت من المحل، أيوا كلها اتباعت. فجيت أشوف الفواتير وهنا كانت المفاجأة الأكبر، الأحجار ماتبعتش بنص سعرها ولا حتى بسعرها الأصلي ولكنها اتباعت بضعف سعرها. فسألت مسئول المبيعات فقالي أنه نفذ تعليماتي اللي كنت كاتباها وأنه زود أسعار المجموعة كلها مرتين. ووراني الورقة اللي كنت سيباهاله. اللي حصل أن الموظف اخطأ في قراءة الرقم بدل 2\1 قرأه 2 نتيجة خطي اللي ميتقريش. ولكن إزاي؟؟!!! إزاي الأحجار بسعرها مابعتش قطعة واحدة ولما اتضرب سعرها في 2 اتباعت كلها عن بكرة أبيهايعمي هل طرق التسعير تفرث بالشكل الرهيب ده ؟؟!
اقرأ ايضا مقالة سياسات التسعير (خصم ولا بونص؟ – ?Discount or Bonus)
—————————–
دي الحكاية اللي افتتح بيها د. روبررت تشالديني كتابه Influence: The Psychology of Persuasion.
(احييه لو افتكرت إني أنا العالم اللي الست كانت بتسأله-:)…
في كتاب د. تشالديني ذكر فيه عشرات القصص والأبحاث عن ازاي أن مؤثر وتغيير طفيف في عرض المنتج أو الخدمة أو الموضوع اللي بتتكلم فيه ممكن يؤدي لتغير ملحوظ في سلوك الناس تجاهه.
وواحدة من أهم تطبيقات التأثير النفسي هي في اختلاف طرق التسعير وإزاي أن السعر والخصم ممكن يتقدموا بأسلوب مختلف بحيث يتقبله المستهلك أكتر ويدفعه للشراء ويقلل من اعتراضهم ونفورهم من السعر.
ومنذ قديم الأزل والإنسان بيستخدم التسعير السيكولوجي بالفطرة والتجربة والخطأ، وبتراكم الخبرات بيوصل لقناعة ما أن أسلوب وطريقة التسعير الفلانية هي أفضل في بعض الحالات عن أساليب وطرق التسعير العلاني اللي بيبقى أفضل في حالات تانية.
طرق التسعير السيكولوجي – متي كانت البداية؟
ونقدر نقول أن الاهتمام بعمل أبحاث ودراسات عن التسعير السيكولوجي بدأت بعد سنة 1995، لما Marketing Bulletin نزلت دراسة بعنوانThe Widespread Use of Odd Pricing in the Retail Sector، بمعنى الاستخدام واسع النطاق للأسعار الفردية في تجارة التجزئة.
وفي البحث عملو إحصاء لأكثر من ألف منتج وطلعوا منه بنتيجة أن في ميل لدى التجار أنهم ينهوا السعر برقم فردي وخاصة بالرقم 9 اللي كان بيستخدم في نسبة 60% من العينة اللي درسوها.
ودا شىء مش جديد بالنسبة ليك كمستهلك أنك دايما تشوف أسعار زي 399 جنيه، 6.99$، 0.99€، وفي أحيان كتيرة بتسخر من شكل و طرق التسعير دي وبتقول في نفسك طب ما يقولو 400 أو 7 أو 1، ولكن بالرغم من إدراكك أن الأمر لا يتعدى محاولة تلاعب في شكل السعر ولكن هذا التغيير الطفيف بيجد تأثير في عقول المستهلكين، وتجار كثر بيلاقوا تأثير مباشر لهذا الأمر.
في مرة باتكلم مع صاحب مطبعة لخدمات التصوير والطباعة، قالي أنه بمجرد ما نزل سعر طباعة الورقة من 1 جنيه إلى 0.99 قرش فكان زيادة الاهتمام والإقبال من زباينه لا يتناسب إطلاقًا مع نزول قرش واحد فقط من السعر، والغريبة أن كتير منهم كان بردو بيقول (فرقت يعني القرش ده!) ولكن دا ممنعش أن الأسلوب دا ينجح في زيادة المبيعات.
يمكنك تحميل كتاب سبيل الإبداع في فنون الإقناع من علي الموقع
ولكن.. الأمر مش بالبساطة دي بالطبع وإلا مكانش حد غلب. وهنا يجي دور العلم، والبحث، وطرح الفرضيات، وتكرار التجربة، وعزل المتغيرات، وملاحظة النتائج اللي بتقول أن مش دايما انتهاء السعر برقم فردي أو رقم 9 بيحسن من بيع المنتج بل على العكس دا ممكن بيؤدي لعدم رضاء المستهلك عن السعر والمنتج ككل، وأن في حالات لمنتجات معينة انتهاء السعر فيها برقم زوجي بيبقى أفضل بكتير وبالتجربة أدى لزيادة إقبال المستهلكين على المنتج.
والأمر برده بيسري على فكرة انتهاء السعر برقم “Round” أصفار، زي مثلا 364,000 جنيه، أو 364,578 جنيه. غالبا لأول وهله مش حتصدق أن في دراسة وجدت أن الناس شعرت أن السعر التاني أقل من السعر الأول، بمعنى أن السعر ال Precise أو المحدد بيدي شعور لحظي أن السعر محسوب بصرامة بناءًا على تكلفة محسوبة بدقة. ولكن برده العلم والأبحاث المتتالية أظهرت أن مش دايما السعر ال Precise بيبقى أفضل للمسعر، وإن في حالات طرق التسعير ال Round بيدي نتايج أفضل.
وسنة بعد التانية اتفحت شهية الجامعات والباحثين من الولايات المتحدة لحد اليابان لدراسة أساليب وطرق التسعير السيكولوجية المختلفة نتج عنها مئات الدراسات اللي بنت قاعدة علمية دقيقة وقابلة للتطبيق في مجالات التجارة المختلفة سواء التجزئة أو الجملة، التجارة التقليدية أو ال online commerce، التفاوض المباشر والغير مباشر على السعر.
حتلاقي على google scholar المتخصص في البحث عن الدراسات العلمية وبراءات الاختراع أكتر من نص مليون موضوع عن ال Pricing Psychology ودا بيبن مدى الاهتمام بهذا الأمر نتيجة لدوره الفعال والحيوي لإنجاح ترويج المنتجات والخدمات وزيادة مبيعاتها.
وواحدة من أكتر المجالات المثيرة للباحثين في اساليب و طرق التسعير السيكولوجي هو ال Discounting – الخصومات على السعر، بيهتم الباحثين بدراسة جوانب عدة للخصومات زي دراسة تباين تأثير الخصم على منتجات مختلفة، ودراسة تأثير إنهاء الخصم فجأة Hi-Lo أو إنهائه تدريجيا Steadily Decreasing Discount، ومنها الوضعية المكانية لسعر الخصم مقارنة بوضعية السعر الاعتيادي (قبل الخصم)،…إلخ.
—————————–
لو عايز تتعلم أساليب و طرق التسعير السيكولوجي، فاحنا عملنا أول دورة بمحتوى عربي أونلاين، وهي الأكبر من ناحية الكم مقارنة حتى بالدورات الموجودة باللغات الأخرى، أكتر من ساعات متوزعين على 70 محاضرة.
الدورة تحتوي على دراسات عديدة وcase studies لمتاجر طبقوا أساليب التسعير السيكولوجي ونجح معاهم. حنتعلم الأسباب النفسية اللي بتؤدي لتفضيل العميل لسعر عن آخر. حنديك checklist وخطوات تفصيلية لتطبيق التسعير السيكولوجي في مجالك.
وبعد ما تنتهي من الدورة حتنضم معانا لجروب خاص بكل اللي اتعلموا التسعير السيكولوجي ( التسعير السيكولوجي) عشان نتبادل فيه كل جديد ونتشارك بخبراتنا عشان المهارة متقفش عند حد الدورة ولكن تستمر في تنميتها عن طريق الإطلاع على أي دراسات جديدة بتتنشر عن التسعير السيكولوجي وأي case study جديدة احنا نفذناها أو حد تاني نفذها وظهر معاه نتايح إجابية، ودا اللي بيديك ثقة أكبر في تطبيق الأسلوب السيكولوجي عشان تحصل على نتائج إجابية مشابهة في مجال عملك.
—————-