المحاور الثلاثة للاقناع
في حياتهم العامة يغلب على الناس استخدام وسائل الاقناع والتركيز على بعض التفاصيل وهذا نتيجة لتأثرهم بمجال عملهم، بينما لا يُلقي لها أناس أخرى نفس درجة الاهتمام والتركيز، فمثلًا كان يغلب على صديقي عند دخوله لأي مكان أن ينظر تجاه الأرض ويتفحص السجاد والمشايات بعناية، فكان هذا نتيجة لعمله كبائع سجاد. بينما كان يغلب على صديقي الآخر أن يتلمس الحوائط ويتفحص السقف بعناية، فكان هذا نتيجة لعمله كمقاول بناء. وأخيرًا هذا الصديق الذي لا يكاد أن يكف عن تفحص وجوه المارة، فالرجل شرطي اعتاد التحقيق في الجرائم وتتتبع المجرمين.
فهذا التركيز الدائم على تلك التفاصيل المتعلقة بأعمالهم في سياقات خارج العمل تؤدي بهم لشحذ خبراتهم بشكل متواصل واكتشاف تفاصيل قد لا يلاحظها غيرهم من عوام الناس. أما أنا فعلى مدار اليوم يغلب علي إلقاء انتباهي على كل رسالة يصدرها الناس محاولين بها استخدام وسائل الاقناع على أناس آخرون. فعندما أتسوق في المتاجر، ألقي بكامل تركيزي على أسلوب البائعين المختلفين والذين في بعض الأحيان لا تستمر العلاقة بينهم وبين زبائنهم أكثر من دقائق معدودة أو حتى دقيقة واحدة يسعى فيها البائع إقناع زبونه بشراء هذا أو ذاك المنتج، وهذا الأمر يتكرر لعشرات المرات على مدار يومه. بينما قد تستمر تلك العلاقة أيامًا وشهورًا لإقناع الزبون بتوقيع تعاقد ما.
فبعد مرات لا تحصى من ملاحظة عمليات و وسائل الاقناع في إطار العمل كالبيع والشراء، أو الإطار الاجتماعي والشخصي، وحتى في الإطار السياسي الذي لا ينفك عن كونه محاولات إقناع وتأثير متواصلة على عموم الناس. فقد لاحظت أن جميع تلك العمليات تقوم على محاور ثلاث هي الرغبة، والثقة، والقرار.
فالفارق الرئيسي بين التأثير والإقناع، أن التأثير هو محاولة غرز أفكار في الطرف الآخر يستمر في تصديقها والإيمان بها على المدى الطويل، مثال التأثير لتغيير المعتقدات والسلوكيات. بينما الإقناع هي حالة خاصة من التأثير بحيث يتم استهداف استجابة سريعة لطلب ما بدون الاحتياج للتأثير طويل المدى، كاستهداف بيع منتج أو خدمة، أو الاستجابة لطلب شخصي. ففي حالة التأثير قد يحتاج المرء استخدام محاور عديدة تتجاوز المحاور الثلاثة للإقناع. بينما في أغلب حالات الإقناع، يميل الناس تلقائيًا لاستخدام تلكم المحاور الثلاثة فقط.
وسائل الاقناع (الرغبة)
فالرغبة هي الخطوة الأولى لجذب الانتباه وإشعال فضول الناس لمعرفة المزيد عما تقدمه لهم، وبالتالي زيادة رغباتهم في إقتنائه
وسائل الاقناع (الثقة )
بينما إضفاء الثقة على المنتج أو الفكرة وإضفاء الثقة أيضًا على مقدم ذلك المنتج وتلك الفكرة هو المحور الثاني الذي يتم العمل عليه بمجرد إشعال الرغبة في نفوس الناس. فإن أصبح الشىء مرغوبًا بما فيه الكفاية، فلا يزال الناس في حاجة للثقة في أن الفعل سيماثل القول. وأحيانا لا تكفي الرغبة والثقة في إتمام عملية الإقناع
القرار
فيتبقى العائق الأخير الذي قد لا يدفع الناس لإتمام الأمر. فالناس على عمومهم يشعرون بالألم عند دفعهم الأموال، ويشعرون بالألم عند مغادرتهم لدائرة راحتهم حتى لو كانت الرغبة والثقة مرتفعتان، فيتبقى دفعة رقيقة تؤدي بهم لتجاهل تلك الآلام للحظات قصيرة، هي لحظات إمضاء التعاقد، أو إخراج الأموال من محافظهم، أو في إعطائك لمفتاح سياراتهم. فغالبية البشر جُبلوا على إتباع القائد، فمهما كانت المُغريات والثقة التي اكتسبوها من وسائل الاقناع فهم بحاجة إلى قائد لحظي يصيح فيهم بصوت جهوري أن افعل الآن.
على مدار الكتاب، سنتفحص بالتفصيل عدة أساليب للإقناع كل منها يعمل على واحدة من تلك المحاور، فمنها ما يعمل على إشعال رغبة المستهدف وتذكيره باحتياجاته، ومنها ما يعمل على إضافة عامل الثقة بشكل فعال، ومنها ما يعمل على تحفيز الناس على اتخاذ القرارات. وعلى الجانب الآخر فالبعض من وسائل الاقناع يؤدي لعمل عكسي قد يحتاجه ممارس الإقناع، ففي بعض الأحيان قد نرغب في إخماد رغبة الناس تجاه أمر ما، والعمل على جعلهم يثقون بمقدار أقل في هذا الأمر، وأخيرًا العمل على حثهم على اتخاذ القرار الصحيح بعدم الولوج في هذا الأمر مُطلقًا.
اقرأ ايضا فن الاقناع كيف تلزمهم تدريجيا: قانون الخطوات العشر
دبلومة التسويق السيكولوجيدبلومة الـ Marketing Psychology، هو الأولى والوحيدة باللغة العربية، واللي حتعرفك على الأسرار السيكولوجية اللي بتخلي التسويق والبيع يوصلو لأفضل نتيجة ممكنة. واللي بعد ماتخلصها حتكون اتعلمت إزاي تطبق الأساليب السيكولوجية في إطار عملك وإزاي تقيس نتائجها الإيجابية.