عناصر السرد القصصي :قوة القصة فى العمل – التسويق السيكولوجي
Share:
التسويق السيكولوجيالسرد والقصص في التسويق

عناصر السرد القصصي :قوة القصة فى العمل

قوة القصة فى العمل

لالآف السنين كانت القصة و عناصر السرد القصصي  هما  العامل الأساسى فى التواصل بين الناس جميعا باختلاف ثقافاتهم وحضاراتهم، فالقدماء المصريون اعتادوا على سرد معاركهم وحياتهم الشخصية على جدران المعابد فى شكل قصصى، وأهم أدبيات اليونانيين كانت عبارة عن قصص كالإلياذة والأوديسة، وفى كهوف فرنسا والمكسيك نحت الإنسان القديم المئات من الرسوم التى تعبر عن أحداث حياته ومجتمعه فى شكل قصصى متتابع. فإذا قرأت للمصنفين الذين صنفوا أهم مائة كتاب فى تاريخ البشرية، فستجد أن الكثير من هذه الكتب هى روايات خيالية، قصص مثيرة قد أخذت مكانها ضمن افضل كتب التاريخ البشرى وذلك لاتساع تأثيرها فى الأجيال المتعاقبة، مثال رواية الحمار الذهبي، ملحمة جلجامش، الشاهنامه، ألف ليلة وليلة، دون كيشوت، هاملت، الديكاميرون، المريض الوهمي، مدام بوفاري، لجريمة والعقاب، البؤساء.

فالقصة لها تأثير عجيب على العقل والقلب معا، ففى بحث علمى لدراسة تأثير القصة على الذاكرة، كان ناتجه أن القصة تَمكُث فى الذاكرة أكثر ب 22 مرة من المعلومة المجردة، وفى بحث اخر تم إحضار مجموعة لعمل عرض لمجموعة من الطلاب عن طريق سرد معلومات مجردة كالأرقام والإحصائيات والرسوم البيانية، والمجموعة الأخرى قدمت عرضها عن طريق استخدام قصة، ثم بعد فترة زمنية تم اختبار مدى تذكر الحاضرون لكم المعلومات التى ذُكرت فى المحاضرتين فكان أن من حضروا المحاضرة الأولى تذكروا 5% فقط مما قيل فيها، أما المجموعة التى استمعت إلى المحاضرة التى احتوت على القصة فقد كان لها القدرة على تذكر مايزيد على 63% من محتوى المحاضرة. ويقدر ستيفن ديننج بأن رواية القصة فى العمل يُسهم فى 14%، من إجمالى الناتج القومى للولايات المتحدة، فإذا كانت رواية القصة هى نصف الإقناع، فهذا يعنى أن قيمة رواية القصة  ومعرفة عناصر السرد القصصي تتجاوز التريليون دولار سنويا فى السوق الأمريكى.

اقرأ ايضا مقالةاسلوب السرد القصصي :حواديت المدير

القوة الدافعة لاتخاذ الغالبية العظمى من قراراتنا هى المشاعر، والقوة الحقيقية للقصة هى فى قوتها فى بث المشاعر فى قلوب مستمعيها أكثر من غيرها من أى وسيلة أخرى معروفة. وقد أدرك الإنسان أن استهداف المشاعر لمدى المتلقين هو أهم مهمة للمتحدث الذى يرغب فى التأثير فى الجموع، وبالتالى أدرك الكثيرون أن القصة و عناصر السرد القصصي  هما الوسيلة الأكثر فاعلية فى إحداث التأثير القوى على المدى القصير والطويل، فرواية القصة هى الأسلوب الأمثل لتوصيل الأفكار بسهولة ويسر وبلا عوائق، فهى سريعة، قوية، حرة، طبيعية، مقنعة، مسلية، ولا تنسى. ولهذا فقد ذكر أحد المهتمين بموضوع القصص ومدى تأثيره فى حياة الناس، ووجد أن القصص الشخصية والقيل والقال يمثل أكثر من 65% من جميع محادثاتنا اليومية، وإذا بدأت فى التركيز فيما يقال يوميا بين الناس فربما تجد أن تلك النسبة أكبر من ذلك بكثير.

عناصر السرد القصصي

من التطبيقات الهامة لاستخدام القصة فى إطار العمل هو “الرؤية” فمن أكبر الصعاب التي تواجه المؤسسات الربحية والغير ربحية هي فى عدم إدراك عامليها بالرؤية العامة للمؤسسة، فيؤدى لتضارب المهام والأهداف. في كتابه المميز “الفوز Winning”، لجاك ويلش المدير التنفيذى الأسبق لشركة جنرال إليكتريك الأميريكية والذى حقق نجاحا باهرا للشركة فى الفترة من 1981م – 1402ه إلى 2001م – 1422ه، فقد ازداد العائد السنوى للشركة 4,000%. يذكر جاك أن من أهم مايجب على الإدارة العليا عمله تجاه موظفيها هو تعليمهم رؤية الشركة وجعلهم يحفظونها عن ظهر قلب كى تكون أمرا يدركه الجميع طوال الوقت ولكى تصبح جميع خططهم وقرراتهم تصب فى تلك الرؤية، وإلا فكما يحدث فى شركات أخرى لا يدرك موظفوها الرؤية المرغوبة من الإدارة العليا، وهو أنك تلاحظ التخبط الواضح فى القرارات والخطط الإستراتيجية، وفى اخر العام المالى تجد تأثير هذا التخبط فى العائد السنوى ونسبة ترك الموظفين الأكفاء للشركة.

حمل كتابقوة الإسقاط من خلال الضغط علي الرابط الموضح

فمثال تضارب الرؤى قد حدث شركة مصرية عريقة، كانت رؤيتها للخمس أعوام القادمة هى زيادة معدلات الإنتاج بشكل غير مسبوق وذلك لاستغلال الإعفاء الضريبى الذى ينتهى بعد خمس أعوام من الان. ولكن تلك الرؤية لم تُنقل كما يجب لإدارات الشركة المختلفة، ومنها إدارة التطوير والبحث، فتجد أنها أنتجت رؤية مصغرة خاصة بها تهدف فيها لتطوير بعض المنتجات، وجزء من هذه الخطة هى استخدام بعض خطوط الإنتاج فى الأختبار والتطوير وبالتالى تعطيل عملية الإنتاج. وهنا تظهر المشكلة جلية فى تضارب الرؤى. فالتطوير والبحث أمر فى غاية الأهمية، ولكن الرؤية الأستراتيجية الحالية للشركة تهدف للتركيز على الإنتاج وخصوصا أن تكنولوجيا التصنيع متقدمة بشكل كبير على منافسيها، ولكن عدم نقل الرؤية بشكل جيد أدى إلى تضارب فى الأهداف وبالتالى التأثير سلبا على عوائد الشركة.

ولهذا فإن نقل رؤية الشركة لجميع عاميلها والعمل على غرزها فى أذهانهم وقلوبهم هو أمر ليس بالهين، ولا تهتم به إلا الشركات ذات الوعى الأستراتيجى العالى، وأيضا الشركات التى عانت من غياب تعميم الرؤية. وفى تجارب كثيرة لشركات عديدة هى نقل الرؤويا للموظفين من حين لاخر عن طريق القصة، وذلك فى الأجتماعات الدورية، وفى التدريبات المختلفة، وحتى فى بعض الإصدارات المرئية، بل وتحرص بعض الشركات على عمل امتحان تحريرى للمتقدمين الجدد بعد إنهاء فتراتهم التدريبية التمهيدية لذكر رؤية الشركة بدقة وكيفية تحقيقها. وهنا نرى بعض الأمثلة لكيفية نقل رؤية الشركة عن طريق قصة بسيطة تعلق فى أذهان مستمعيها.

في كتابه المميز “دليل القادة لرواية القصة – The Leader’s Guide to Storytelling”، يذكر ستيفين ديننج بداية اهتمامه برواية القصة  و عناصر السرد القصصي فى العمل عندما كان يعمل مديرا فى بنك العالم – World Bank فى منتصف التسعينيات، وكان يسعى لجلب اهتمام العاملين بأهمية إدراة المعلومات بكفائة، وهو ما اعتُبر أمرا غريبا فى الشركة فى ذاك الوقت، ويُذكر ديننج أنه قدم الكثير من المعلومات التى تدعم اقتراحه بأهمية تجميع المعلومات المتناثرة فى المؤسسة، وكان الناتج أن العاملين لم يهتموا بما يعرضه عليهم، فبدأ بعرض الأمر على ال PowerPoint، وفيه استخدم أساليب العرض المرئى والخرائط والمؤشرات لتوضيح فكرته، ولكنه أيضا لم يفلح معهم. فيقول أنه كان على استعداد لتجرية أى شىء معهم، وفى عام 1996م – 1417ه قرر رواية قصة لهم:

“فى شهر مايو العام الماضى، فى بلدة صغيرة فى زامبيا، بحث عامل بالمجال الصحى فى الأنترنت على مراكز السيطرة على الأمراض، باحثا عن علاجات الملاريا، وبالفعل وتلقى الإجابة على سؤاله. تذكروا أن هذا حدث فى زامبيا، واحدة من أفقر الدول فى العالم، وفى مدينة صغيرة تبعد حوالى ستمائة كيلومتر عن العاصمة. ولكن الحقيقة الصادمة فى هذه الصورة، على الأقل لنا نحن، وهو أن البنك العالمى ليس موجودا فى تلك الصورة، رغما عن امتلاكنا للمعلومات عن جميع أسباب الفقر، فإن تلكم المعلومات ليست متوفرة للملايين من الناس الذين من الممكن أن يستخدمونها، تأملوا لو أنهم امتلكوا تلكم المعلومات، فكيف ستصبح هذه المؤسسة فى المستقبل “.

على الرغم من إدراكه فيما بعد عند استشارة خبراء فى رواية القصة مدى ركاكة قصته وافتقادها لعوامل كثيرة من التشويق والجودة لجعلها أكثر جاذبية وتأثيرا وهذا بالفعل مافعله فى الأعوام اللاحقة، فإنه يذكر أن تلك القصة البسيطة كانت هى المحاولة الوحيدة الناجخة فى مساعدة عاملى البنك العالمى فى تصور وهضم هذه الرؤية المهمة للمؤسسة. ويذكر أن إدراة المعلومات لاحقا أصبحت من أولويات المؤسسة، وكيف أنه بدأ فى استخدام قصص اخر ذا كفائة وحرفية أكبر لترسيخ الرؤى الموضوعة من الإدارة العليا.

 

—————————–

دبلومة الـ Marketing Psychology دبلومة التسويق السيكولوجي، هو الأولى والوحيدة باللغة العربية، واللي حتعرفك على الأسرار السيكولوجية اللي بتخلي التسويق والبيع يوصلو لأفضل نتيجة ممكنة. واللي بعد ماتخلصها حتكون اتعلمت إزاي تطبق الأساليب السيكولوجية في إطار عملك وإزاي تقيس نتائجها الإيجابية.

—————-

انضم لمجموعة التيليجرام لمعرفة كل جديد عن الـ Consumer Psychology in Marketing، وللحصول على عروض خاصة على الكتب والدورات التدريبية

—————-

8b72e0_8d670f4316e54325b6431cf392994b11_mv2.png

—————-

Related Posts